تتضح نوايا النهضة يوما بعد يوم
في المحاولة على السيطرة على مفاصل الدولة تحسبا للانتخابات القادمة في نية جلية لقطع الطريق على منافسيها خاصة
منهم حركة نداء تونس الناشئة للباجي قائد السبسي و هو الحزب الذي يشهد على ما يبدو
إقبالا شعبيا متصاعدا خاصة في ظل التذمر العام من تداعيات الأداء الكارثي للترويكا النهضوية
و تفاقم العنف السلفي المتواتر على المواطنين و على مصالحهم و فنانين و اعضاء من المجتمع المدني.
التوغل النهضوي يتخذ شكل تعيينات مسؤولين نهضويين او
تجمعيين سابقين اصبحوا موالين للحزب الحاكم الجديد و يشمل هذا التوغل كل
أسلاك الدولة بدون تمييز من وزارات و مؤسسات اجتماعية و اقتصادية و شركات حكومية و
ولايات و معتمديات.. بقاسم مشترك هو انعدام الكفائة و مكافئة سجناء نهضويين سابقين
على "نظالهم" و انتماء بنفسجي سابق يساعد على التحكم في المنظومة بنفس
الأساليب البوليسية لدكتاتورية بن علي.
بالتوازي مع هاذا التوغل الألي يعيش المشهد محاولات
بسط النهضة نفوذها على الاعلام أملا في اعادة "بنفسجته" و تدجينه لخدمة
النهضة. تعيينات على رأس المؤسسات الإعلامية العمومية و الخاصة التي تمت مصادرة
حصص العائلات الفاسدة فيها و التصريح بوضوح عن التفويت القريب فيها
لل"قطاع التنافسي" اي بعبارة أوضح لاشخاص او رجال اعمال موالين للنهضة
يقومون بتنفيذ أجندتها الإعلامية قبل الانتخابات.
في ظل هذا التوغل الممنهج يبدو الطريق الحالي للانتخابات أحسنه مفخخ و متوتر لا يعتمد
على الحد الأدنى للمقاييس لإجراء انتخابات ديموقراطية و آسوؤه الخيار الاسود اي لا
انتخابات اصلا ان تفاقمت نزعة العزوف عن التصويت للنهضة و اصبحت قناعة الحركة انها
خاسرة في كل الحالات و هذا معناه ان الحركة ستنساق لمشروع البعض منها بتطبيق سياسة
الارض المحروقة و ان لم يكن هذا التوجه في مصلحة الحركة على المدى المتوسط و البعيد
فان فرص توخيه يبقى رهن تحرك موازين القوى داخل النهضة كلما اقتربنا من موعد
الانتخابات.
و في حالة عدم وقوع الانتخابات و هو امر وارد في
ظل الضبابية الراهنة فسنكون في طريق مفتوح امام انتصاب دكتاتورية من نوع
جديد في ثوب ديني اشرس بكثير من دكتاتورية بن علي و ما تحركات السلفيين على
الميدان الا صورة لما ينتظر البلاد من وعود دكتاتورية نهضوية قادمة.
في حالة خسارة النهضة المطلقة (خسارة فادحة اي اقل من 30%) او النسبية (انعدام امكانية تكوين اغلبية) فان الحركة مرشحة للانقسام الحيني
او المؤجل بما ان توجهات الشق المتشدد الذي يرأسه الغنوشي الموهم بانه معتدل يحكم
برصانة بين الشقين المتشدد و المعتدل فشلت في نهاية الامر. و الأرجح ان ينشق المعتدلون (الذين
يقودهم عبد اللطيف المكي وزير الصحة الحالي و يضم وجوها مثل العريض و الوريمي و
ديلو و بدرجة اقل البحيري) الذين يمثلون 40% من قواعد الحركة في المؤتمر الاخير لتكوين حزب مدني محافظ على طريقة الديموقراطية المسيحية في ايطاليا
او المانيا يقبل بشروط اللعبة الديموقراطية و ينخرط فيها كليا دون تحفظ و هاذا ما سينجر عنه تلاشى تدريجي للشق السلفي المتشدد (عتيق، اللوز،المنصف بن سالم، شورو..).
المشهد ضبابي بامتياز و انطباع الكثير من
التونسيون ان الأمل الديموقراطي ينطفئ ببطء لفائدة كابوس رجوع دكتاتورية جديدة.
Analyse très pertinente, Bravo!
RépondreSupprimer@Anonyme. Merci pour votre passage.
RépondreSupprimer